بعد موسم صفري تحت قيادة تشافى هيرنانديز، وفي ظل أزمات مالية وضغوط جماهيرية هائلة، تولّى الألماني هانز فليك مسؤولية قيادة برشلونة في توقيت صعب، لكنه جاء بالخبرة والانضباط اللذين طالما افتقدهما الفريق، وسرعان ما ظهرت بصمته، فنجح في وقت قياسي في إعادة بناء شخصية الفريق فنيًا ونفسيًا، ليقود البلوجرانا نحو أول ثلاثية محلية في تاريخ الدوري الاسباني.
استعادة الهوية قبل الألقاب

رغم أهمية الثلاثية، إلا أن ما أسعد جمهور برشلونة أكثر كان استعادة الفريق لروحه وشخصيته داخل الملعب، عاد “البلوجرانا” ليقدم كرة ممتعة، مليئة باللمحات الفنية والجرأة الهجومية، إلى جانب استرجاع لقب “ملك الريمونتادا” بعد سلسلة من الانتصارات الدرامية التي أعادت للذاكرة أمجاد التيكي تاكا والزمن الذهبى.
التعاقد مع فليك بداية عهد جديد

في 29 مارس 2024، أعلن برشلونة تعاقده مع هانز فليك، الذي بدأ مهمته مع نفس عناصر الموسم السابق، باستثناء صفقة وحيدة هي داني أولمو القادم من لايبزيج، اعتمد فليك على الدفاع المتقدم والضغط العالي، رغم التوقعات بأنه سيتراجع تكتيكيًا أمام فرق تعتمد على السرعات، لكنه تمسك بخطته، ففرض أسلوبه ونجح فيه، حتى أمام الكبار.
أكتوبر الذهبي، عودة الثقة والانفجار الحقيقي
كان شهر أكتوبر نقطة التحول الكبرى، حيث واجه برشلونة فرقاً قوية، وحقق انتصارات مذهلة أبرزهم : فوز 4-1 على بايرن ميونخ في دوري أبطال أوروبا، اكتساح ريال مدريد 4-0 في أول كلاسيكو رسمي لفليك، هذه النتائج لم تعزز فقط ثقة اللاعبين، بل أشعلت الحماس داخل الجماهير وأكدت أن برشلونة عاد بقوة.
تطوير الأداء الفردي والجماعي

نجح هانز فليك في استغلال إمكانيات كل لاعب بالشكل الأمثل، ليحوّل برشلونة إلى منظومة جماعية متجانسة تؤمن بقدرتها على الفوز والعودة في أصعب اللحظات.
رافينيا، الذي كان قريبًا من الرحيل، أصبح نجمًا لا غنى عنه، لامين يامال، ابن الـ17 عامًا، تحول إلى أيقونة جديدة، بينما أصبح بيدرى هو عقل الفريق وصانع سحر خط الوسط، واستعاد فرينكي دي يونغ مستواه الحقيقي، ليشكل مع بيدري ثنائيًا متكاملاً في منتصف الملعب.
دفاعيًا، عانت عناصر الدفاع فى البداية، ولكن اندمجت وقدمت أداء رائع ضمن منظومة دفاعية متقدمة صممها فليك بعناية، ورغم التذبذب في بعض المباريات وأداء بعض اللاعبين وتعدد الإصابات، استطاع فليك أن يحافظ على التوازن بين الخطوط، ويعالج الثغرات بذكاء؛ بمزيج بين مجموعة من المراهقين، ومهاجم مخضرم، وحارس عاد من الاعتزال.
أعاد فليك للبارسا واحدة من أبرز سماته التاريخية “الريمونتادا”

حقق برشلونة هذا الموسم 15 ريمونتادا، أثبت خلالها أنه فريق دائمًا أنه يستطيع العودة، وسجل 16 هدفًا في شباك ريال مدريد خلال 4 مواجهات، ويتوج على حساب الغريم بكأس ملك إسبانيا و كأس السوبر الاسباني.
وعلى الصعيد الأوروبي، وصل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بعدما تفوق على خصومه، قبل أن يودّع البطولة أمام إنتر ميلان في مباراة وُصفت بأنها من أعظم مباريات الموسم.
ومن بين أبرز العودات، ريمونتادا أمام بنفيكا في دوري الأبطال، والعودة المثيرة أمام أتلتيكو مدريد في الليجا، فضلًا عن ثلاث عودات متتالية أمام ريال مدريد.
لكن تظل أعظم ريمونتادا هذا الموسم في الدوري الإسباني، حين كان الفريق متأخرًا بـ7 نقاط في يناير، ليعود ويقلب الطاولة ويحسم لقب الدورى فى مايو .
أبرز أرقام الفريق :
150 هدفًا سجلها برشلونة في جميع المسابقات هذا الموسم حتى الآن.
3 ألقاب محلية: الدوري الاسباني، كأس ملك إسبانيا، كأس السوبر الاسباني
حقق أطول سلسلة لا هزيمة مع برشلونة هذا الموسم، حيث قاد الفريق في 21 مباراة متتالية دون خسارة.
هانز فليك.. اسم من ذهب في تاريخ البلوجرانا
جمهور برشلونة لم يبحث فقط عن بطولات، بل عن هوية وأسلوب ممتع يُعيد أمجاد الفريق، فليك أعاد الثقة، وأعاد البهجة، قدّم كرة قدم جعلت من كل مباراة عرضًا فنيًا يُنتظر .
وبدلًا من أن يُذكر في تاريخ برشلونة كمدرب بايرن الذي ألحق بهم هزيمة 8-2، أصبح فليك اليوم بطلاً جديدًا يقارن أول موسم له مع الفريق ببرشلونة بيب جوارديولا ، ويُخلد اسمه في ذاكرة البلوجرانا.