شهد نادي مانشستر سيتي تغير جذري في هويته الكروية وأسلوب لعبه منذ تولي بيب جوارديولا مهمة تدريبه في صيف 2016، ليتحول من فريق يبحث عن هوية واضحة رغم امتلاكه ميزانية مالية ضخمة، إلى واحد من أكثر الفرق نجاحًا في أوروبا خلال السنوات الماضية، حتى أصبحت مسيرة المدرب الإسباني مع السيتيزن نموذج للنجاح الإداري والكروي
تعتبر كرة القدم علم كباقي العلوم مثل التكنولوجيا والعلوم المختلفة الي تمر بفترات من التقدم والتراجع، فبعد أن كانت تعتمد بشكل كبير على القوة البدنية والجسمانية للاعبين، أصبحت تركز على الجوانب الفنية والتكتيكية منذ بداية القرن الحادي والعشرين، وتزامن ذلك مع ظهور لاعبين يتمتعون بذكاء تكتيكي عالي، ومن بين هؤلاء، برز بيب جوارديولا كمدرب مبتكر، كما أحدثت فلسفته التكتيكية وأسلوبه الإداري تغيير كبير في عالم كرة القدم.

الاستحواذ فلسفة جوارديولا
نشأ جوارديولا على مبادئ كرة القدم الشاملة، التي تعتمد على الاستحواذ على الكرة واللعب الجماعي، وبعد توليه تدريب السيتي أصبح يعتمد على تشكيلة 4-3-3 التي تركز على السيطرة على الكرة والضغط العالي، هو ما يمثل تحول كبير عن الأساليب التقليدية التي كانت سائدة في الدوري الإنجليزي.
يقول جوارديولا: “السر يكمن في زيادة التحميل على جانب واحد من الملعب لإجبار الخصم على الدفاع، ثم نضربه من الجانب الآخر”، مما جعلت هذه الطريقة مانشستر سيتي فريقاً لا يمكن التنبؤ به، حيث يتبادل اللاعبون المراكز بسلاسة وخاصة في الخط الأمامي.
كما قالت عنه صحيفة ماركا الإسبانية، أنه لا يتوقف عن النمو وكأنه في لعبة “SimCity” المخصصة لبناء المدن وتطويرها.
لا تقتصر طريقة جوارديولا على إعطاء الأوامر للاعبين فقط، بل يشرح لهم أيضاً الأسباب وراء كل تكتيك يطبقه الفريق، مما ساعد اللاعبين في التكيف مع خطته وتكتيكه في أغلب المباريات، وعلى الرغم من وجود فرق أخرى في الدوري الإنجليزي تعتمد على الاستحواذ، إلا أن مانشستر سيتي يتميز بمرونته التكتيكية وقدرته على التكيف مع المواقف المختلفة.
تحول جذري تحت قيادة جوارديولا
كان يعاني نادي مانشستر سيتي قبل مرحلة جوارديولا من عدم وجود هوية كروية واضحة له، ذلك وعلى الرغم من الاستثمارات الضخمة التي ضخها “الشيخ منصور” مالك النادي، لكن سرعان ما تغير كل شيء مع وصول الفيلسوف الإسباني الذي جلب معه فلسفته القائمة على الاستحواذ والضغط العالي واللعب الهجومي.
لم يحقق جوارديولا أي ألقاب مع فريق مانشستر سيتي في أول مواسمه، لكنه نجح في وضع حجر الأساس لفريق سيهيمن على الدوري الإنجليزي في السنوات التالية، وسرعان ما حصد جوارديولا ثمار مجهوده بحلول موسم 2017-2018 حيث نجح في التتويج بلقب البريميرليج بأسلوب لعب أذهل العالم بأسره، حيث سجل الفريق 106 أهداف وحقق 100 نقطة، ليصبح أول فريق في تاريخ البريميرليج يصل إلى هذا الرقم القياسي.

أرقام جوارديولا مع مانشستر سيتي
حقق نادي مانشستر سيتي نجاحات غير مسبوقة تحت قيادة الفيلسوف الإسباني، فقد فاز النادي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في 6 من أصل 8 مواسم، 4 منها متتالية كإنجاز لم يسبق لأحد وأن حققه من قبل، كما حقق السيتي الثلاثية التاريخية (الدوري الإنجليزي، دوري أبطال أوروبا، وكأس الاتحاد الإنجليزي) في موسم 2022-2023، ليصبح ثاني فريق إنجليزي يحقق هذا الإنجاز بعد مانشستر يونايتد في موسم 1998-1999.
كما استطاع مانشستر سيتي تسجيل عدة أرقام قياسية، منها؛ تحقيق 739 نقطة في 315 مباراة، وهو أعلى معدل في تاريخ الدوري، الخروج ب 135 مباراة بشباك نظيفة، متفوق على جميع الفرق الدوري الأخريات، بالإضافة إلى ذلك؛ يمتلك بيب جوارديولا أعلى معدل فوز في تاريخ البريميرليج بنسبة 73.7%، متفوقًا على أساطير في عالم التدريب مثل السير أليكس فيرجسون ويورجن كلوب.