تخيّل معايا… استاد ممتلئ على آخره، والكل على أعصابه… اللحظة الحاسمة اقتربت، الحكم أطلق صافرته، الكرة في الشباك… والجماهير تكاد تطير من الفرح!
لكن، هل توقفت يوماً لتسأل نفسك: ما هو أصل كرة القدم؟
صحيح… قد تكون كرة القدم قد وصلت إلى ذروتها في 18 ديسمبر 2022، لكنها لم تبدأ من هناك، ولن يمنعنا هذا من العودة إلى حيث بدأ كل شيء.
لأن كل شيء في هذا العالم له بداية… وله أصل.
ولهذا، نقدم لك: “أصل اللعبة“
البداية الحقيقية… كرة القدم ليست إنجليزية!
كرة القدم، اللعبة التي وحدت الشعوب، وجعلت مشجعاً من الشرق يفرح كما يفرح آخر في الغرب… لكنها في الحقيقة، لم تبدأ في إنجلترا كما يظن كثيرون.
الواقع أن الإنجليز لم يخترعوا كرة القدم. نعم، كما سمعت! الدولة التي تملك أشهر دوري في العالم لم تكن سوى امتداد لتاريخ أقدم بكثير لهذه اللعبة.
هل تصدق إن قلت لك إن الصينيين كانوا أول من مارس لعبة مشابهة لكرة القدم؟ وكان ذلك في القرن الثالث قبل الميلاد، حيث أطلقوا عليها اسم “تسوجو“.
فكرتها كانت بسيطة: أن تسدد الكرة في شبكة صغيرة دون لمسها باليد.
عندما كانت الكرة معركة
بعد الصينيين، لم تتوقف اللعبة… بل انتقلت إلى الإغريق والرومان، لكن بطريقتهم الخاصة.
لم تكن هناك قوانين، ولا حكم، ولا عدد محدد من اللاعبين، ولا حتى حدود للعنف.
لم تكن اللعبة حينها مجرد تسلية… بل أقرب إلى معركة. كانت الأعداد كبيرة، والمطلوب هو إيصال الكرة إلى الشباك بأي وسيلة كانت، حتى ولو بالعنف.
وبسبب شدّة الاحتكاكات فيها، شبّهها البعض بلعبة الرجبي أكثر من كرة القدم.
في عام 1863، قرر الإنجليز أن يضعوا حداً للفوضى، بعدما انتشرت اللعبة في أماكن كثيرة، وأصبحت خارج السيطرة.
فانعقد اجتماع تاريخي، وكان السبب في ذلك رجل يُدعى إبنيزر مورلي.
لم يكن مورلي مجرد لاعب… بل كان محامياً ورياضيًا أدرك أن اللعبة بحاجة إلى نظام وقوانين واضحة، كي تُصبح رياضة حقيقية.
كان هو صاحب فكرة تأسيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، وهو من كتب أول قوانين رسمية لتنظيم اللعبة، وهي القوانين التي فرّقت بشكل نهائي بين كرة القدم ولعبة الرجبي.
هذه القوانين أصبحت فيما بعد الأساس الذي تُمارَس به كرة القدم في جميع أنحاء العالم حتى يومنا هذا.
وهكذا، تحوّلت كرة القدم من مجرد لعبة عشوائية في الشوارع، إلى رياضة منظمة لها قواعد وحكام، وبدأت رحلتها لتُصبح اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
أكثر من مجرد لعبة
ومع انتشارها، لم تعد كرة القدم مجرد لعبة.
بل أصبحت قصة تُوحّد الشعوب، حتى من دون لغة مشتركة.
لا تحتاج أن تفهم لغة اللاعب… يكفي أن ترى مراوغة، أو تمريرة ساحرة، أو تسديدة تهز الشباك… وستفهم كل شيء.
منذ أول كأس عالم عام 1930 في الأوروغواي، وحتى اليوم، تحوّلت كرة القدم من لعبة بسيطة إلى شغف وانتماء يعيشه الملايين.
من شوارع الصين القديمة… إلى مدرجات العالم التي تهتز فرحًا، لا لشيء سوى لأن الفريق المُفضّل سجل هدفًا.
تغيّر النجوم، وتطوّرت القوانين… لكن الشيء الوحيد الذي بقي ثابتاً هو أن الكرة… لغة واحدة يفهمها الجميع، وتجمع العالم على شغف لا ينتهي.
وفي الختام، تذكّر أن خلف كل رياضة قصة، ووراء كل لعبة نقطة بداية.
وإذا كنت ترغب في معرفة أصل الحكاية من أولها… ابقَ معنا في “أصل اللعبة“.