هناك لحظات لا تنسى، تخلد فى الذاكرة إلى الأبد، وهناك مدارس لا يمر بها أحد إلا وتترك أثرها فيه، ومن بين جداران “الكامب نو مرت أسماء كثيرة، لكن ثلاثة مدربين تحديداً حملوا بصمة برشلونة معهم إلى المجد الأوروبي: بيب جوارديولا، جوزيه مورينيو، لويس انريكى.
ثلاث شخصيات مرت من كامب نو بأدوار مختلفة، قبل أن تكتب أسماءها بحروف من ذهب فى سجل إنجازات كرة القدم العالمية، بتحقيقهم لأعظم إنجاز يمكن تحقيقه فى موسم واحد: الثلاثية التاريخية.
ما هي الثلاثية التاريخية؟ هي أعظم إنجاز ممكن لأي نادٍ أوروبي تحقيقه في موسم واحد. الفوز بالدوري المحلي، الكأس المحلية، ودوري أبطال أوروبا. قليلون فقط من حققوها، لأن الجمع بين البطولات المحلية والقارية في موسم واحد يتطلب فريقًا استثنائيًا مدرب استثنائي أيضًا.
“تيكي تاكا” جوارديولا تقود برشلونة إلى المجد
هنا تبدأ حكاية ثلاثي الكامب نو في عالم التدريب، هناك مدرّبون وهناك بيب جوارديولا، المدرب العبقري الذي صنع مدرسته الخاصة، كان لاعب وسط أنيق تحت قيادة كرويف، لكنه لم يكن مجرد لاعب، بل تلميذًا في مدرسة “اللعب الشامل” وحين عاد إلى النادي مدربًا في 2008، شكك كثيرون في قدرة هذا الشاب قليل الخبرة على قيادة غرفة مليئة بالنجوم لكن جوارديولا لم يقد الفريق فقط، بل كتب التاريخ من موسمه الأول.
قاد برشلونة لتحقيق ثلاثية أسطورية: الدوري الإسباني، كأس الملك، ودوري أبطال أوروبا، بأسلوب التيكي تاكا الساحر، الذي أبهر العالم وجعل من الاستحواذ فنًا والهجوم فلسفة، وبعد سنوات من الترحال والتطوير، عاد بيب ليحقق المجد ذاته مع مانشستر سيتي في 2023، محققًا ثلاثية أخرى تاريخية ليصبح أول مدرب في التاريخ يحقق الثلاثية مع ناديين مختلفين.

من مدريد إلى كتالونيا محملًا بالضغوطات، إنريكي يستكمل ما بدأه جوارديولا
رغم نشأته الكروية في ريال مدريد، إلا أن لويس إنريكي قلب المعادلة تمامًا حين انتقل إلى الغريم برشلونة عام 1996، ليصبح لاحقًا أحد رموز الجيل الذهبي في كتالونيا، صاحب عقلية حديدية وفهم تكتيكي عميق .
في 2014، تولى تدريب برشلونة وسط كثير من الضغوط والشكوك، لكنه في موسمه الأول أعاد أمجاد “بيب”، وحقق ثلاثية تاريخية ثانية للنادي: الدوري الإسباني، كأس الملك، ودوري أبطال أوروبا بقيادة ثلاثي هجومي مرعب: ميسي، نيمار، وسواريز “MSN” لكن الحكاية لم تقف عند كامب نو، كتب إنريكي التاريخ مرة أخرى مع باريس سان جيرمان الموسم الحالى، محققًا ثلاثية هي الأولى في تاريخ النادي الفرنسي.

تجربة مورينيو التي تحولت إلى دفع
جوزيه مورينيو ربما لم يرتدي قميص برشلونة يومًا كلاعب، ولم يُمنح مسؤولية الفريق الأول كمدرب، لكنه عاش بين جدران “الكامب نو” لسنوات، كظل للمدربين الكبار في التسعينات، كان مساعدًا ومترجمًا تحت قيادة بوبي روبسون ثم لويس فان خال.
كان مورينيو شغوفًا ويسجّل كل شئ، ويبدو أن برشلونة علمه الكثير لكنه لم يعطه فرصته فغادر ليُثبت نفسه بطريقته وفي 2010، قاد إنتر ميلان الإيطالي إلى ثلاثية تاريخية مذهلة: الدوري الإيطالي، كأس إيطاليا، ودوري أبطال أوروبا، بعد أن أطاح ببرشلونة نفسه من نصف النهائي بأسلوبه الدفاعي الشهير وفاز على بايرن ميونيخ في النهائي.
مورينيو لم يكن يومًا رمزًا لبرشلونة، لكنه خرج منه مشبعًا بشغف اللعبةرجل مرّ من الكامب نو متخفيًا ثم عاد ليقهره ويكتب ثلاثيته الخاصة.

ثلاثة مدربين، ثلاث رحلات، ثلاثيات تاريخية لكن البداية كانت من برشلونة جوارديولا، إنريكي، ومورينيو رغم اختلاف الأدوار والطرق، جمعهم “الكامب نو” في لحظة من الزمن، قبل أن يتفرقوا ويترك كل منهم بصمته على خارطة كرة القدم العالمية قد تكون بعض المحطات مجرد عبور، لكنها أحيانا تصنع تاريخ ومن مر بالكامب نو، لا يخرج كما دخل، هناك تبدأ الحكايات.