مدربو المنتخب وعقدين من التجارب.. المال مقابل المجد؟

خلال العقدين الأخيرين، تعاقب على تدريب منتخب مصر عدد من المدربين المحليين والأجانب، تولّى كل منهم قيادة الفراعنة في مراحل مختلفة وتميزت بعض هذه الفترات بتحقيق النجاحات والبطولات، بينما اتسمت أخرى بصعوبات واضحة وانتقادات جماهيرية وإعلامية.

تنوّعت تجارب المدربين بين من تركوا بصمة واضحة بقيادتهم للمنتخب نحو منصات التتويج، ومن واجهوا تحديات حالت دون تحقيق نتائج إيجابية رغم تقاضيهم رواتب خرافية، هذا التنوع في الأداء والنتائج يعكس تأثير الأساليب التدريبية المختلفة وظروف كل مرحلة على مسيرة الفراعنة.

حسن شحاتة، الملعم الذي جاء في حالة طوارئ ليحتل القارة السمراء

يُعد حسن شحاتة أحد أبرز المدربين في تاريخ منتخب مصر، حيث كانت فترة تدريبه مليئة بالإنجازات بعدما بدأ مهمته في 2005 وانطلق ف رحلته لغزو إفريقيا في إنجاز غير مسبق ولم يتمكن أي منتخب آخر من تحقيقه حتى الآن.

أعلى راتب تقاضاه حسن شحاتة مع منتخب مصر كان 250 ألف جنيه حسب تصريح سابق له في أحد البرامج التلفزيونية، ورغم هذا الراتب الضئيل مقارنة بباقي المدربين الذين تولوا المهمة بعد ذلك، كان صاحب أكثر فترة تدريب نجاحًا، حيث قاد الفراعنة في 90 مباراة حقق فيها 65 فوزًا و16 تعادلًا و18 هزيمة.

أكثر ما يُميز فترة حسن شحاتة هو فوزه بثلاث بطولات كأس أمم إفريقيا متتالية في 2006 و2008 و2010، ليحقق بذلك واحدة من أعظم إنجازات المنتخب الوطني، قبل أن يرحل في 2011.

حسن شحاتة

بوب برادلي، الأمريكي صاحب الهزيمة الأكبر

على الرغم من أن بوب برادلي، المدرب الأمريكي الذي تولى مسؤولية المنتخب بعد شحاتة، لم يحقق بطولات كبرى، إلا أن فترة تدريبه شهدت بعض التحسن في أداء الفريق حتى جاءت الهزيمة الأكبر للمنتخب المصري عندما خسر أمام غانا بنتيجة 6-1 في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2014، ليرحل بعد ذلك الإخفاق الذي سيظل عالقًا في أذهان الجمهور المصري إلى الأبد.

تقاضى برادلي راتبًا شهريًا قدره 41 ألف دولار، وهو أقل بكثير من رواتب بعض المدربين الآخرين، في 32 مباراة خاضها مع المنتخب، حقق 18 فوزًا و9 تعادلات و8 هزائم.

بوب برادلي

شوقي غريب، تجربة محلية فشلت في تكرار نجاحات شحاتة

كان شوقي غريب ضمن الجهاز الفني المساعد لـ حسن شحاتة في الفترة الذهبية لمنتخب مصر، وتولى المسؤولية لفترة قصيرة للغاية بعد رحيل برادلي، لم تتجاوز العام، حيث لعب المنتخب في عهده 4 مباريات فقط، حقق خلالها فوزًا واحدًا وتعادلًا وهزيمتين.

تقاضى غريب راتبًا شهريًا قدره 250 ألف جنيه، وهو نفس الراتب الذي تقاضاه شحاتة، لكن النتائج الهزيلة والمحدودة جعلت هذه الفترة غير مثمرة من الناحية الإنجازية، وتمت إقالته سريعًا بسبب عدم قدرته على تحقيق التوقعات.

شوقي غري

هيكتور كوبر، أسلوب دفاعي نجح في تحقيق الحلم بعد 28 عامًا

شهدت فترة هيكتور كوبر تحسنًا ملموسًا في أداء منتخب مصر، كان يتعرض لانتقادات لازعة بسبب اعتماده على أسلوب اللعب الدفاعي، لكنه أعاد للمصريين حلم المونديال الغائب منذ 1990.

بدأ كوبر مهمته في 2015، كان المدرب الأرجنتيني يتقاضى 65 ألف دولار شهريًا، وقاد منتخب مصر في 38 مباراة حقق خلالها 20 فوزًا و6 تعادلات و12 هزيمة.

من أبرز إنجازاته تأهل المنتخب إلى نهائيات كأس العالم 2018 لأول مرة منذ 28 عامًا، بالإضافة إلى وصوله إلى نهائي كأس أمم إفريقيا 2017، الذي خسره أمام الكاميرون، ورحل بعد مونديال روسيا 2018.

هيكتور كوبر

خافيير أجيري، عنوان الفشل

تولى المدرب المكسيكي خافيير أجيري تدريب المنتخب المصري في فترة لم تدم طويلاً، تقاضى راتبًا شهريًا قدره 136 ألف دولار.

خاض المنتخب معه 12 مباراة حقق فيها 9 انتصارات وتعادل واحد و2 هزيمة. ومع ذلك، فشلت هذه الفترة في تحقيق أي بطولات، حيث خرج المنتخب من دور الـ 16 في كأس أمم إفريقيا 2019 التي أقيمت في مصر، ما دفع اتحاد الكرة إلى إقالته في 2019.

خافير أجيري

حسام البدري، تجربة محلية جديدة بطموحات غير محدودة

تولى حسام البدري تدريب المنتخب في فترة تميزت بالاستقرار نسبيًا من حيث النتائج (2019-2021)، حيث لم يخسر أي مباراة.

حصل البدري على راتب شهري قدره 800 ألف جنيه، وهو من أعلى الرواتب بين المدربين المصريين.

رغم النتائج الجيدة في المباريات (5 انتصارات و4 تعادلات من 9 مباريات)، إلا أن الفترة لم تكن مشجعة على مستوى الأداء، مما أدى إلى رحيله عن المنتخب بعد فترة قصيرة، دون أن يحقق أي إنجازات.

حسام البدري

كارلوس كيروش، خسر حلمين بنفس السيناريو

تولى المدرب البرتغالي كارلوس كيروش المسؤولية في 2021، وأدى إلى تقديم أداء دفاعي جيد، قاده إلى نهائي كأس الأمم الإفريقية لكن لم تنتهي القصة نهاية سعيدة.

حصل كيروش على راتب شهري قدره 130 ألف دولار، وقاد المنتخب في 20 مباراة، فاز خلالها في 13 مباراة، وتعادل في 2، بينما خسر 5 مباريات.

خسر نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021 أمام السنغال بركلات الترجيح، وتكرر نفس السيناريو أمام المنخب ذاته في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022 بقطر.

كارلوس كيروش

إيهاب جلال، ضيف خفيف على المنتخب المصري

بعد بصمة واضحة تركها إيهاب جلال مع الأندية التي دربها في الدوري المصري، تولى قيادة المنتخب، لكنه رحل سريعًا بعد 3 مباريات فقط.

ورغم أنه تقاضى راتبًا شهريًا قدره 725 ألف جنيه، إلا أن النتائج كانت مخيبة للآمال، حيث حقق المنتخب فوزًا واحدًا فقط وتعادل وهزيمتين.

بسبب ضعف النتائج، تم إقالته بسرعة، ولم يُسجل له أي إنجازات ملحوظة في هذه الفترة.

إيهاب جلال

روي فيتوريا، راتب ضخم مقابل لا شئ

تولى المدرب البرتغالي روي فيتوريا قيادة المنتخب في 2022، حصل على راتب شهري قدره 200 ألف دولار، وقاد الفريق في 18 مباراة حقق فيها 12 انتصارًا و4 تعادلات و2 هزيمة.

ورغم أن النتائج كانت مشجعة، إلا أنه لم يحقق أي بطولات كبرى، مما يجعل فترة فيتوريا فترة انتقالية بالنسبة للمنتخب المصري.

روي فيتوريا

حسام حسن، تجربة محلية مازالت تحت الملاحظة

بدأ حسام حسن مهمة تدريب منتخب مصر في 2024 ومازال مستمرًا حتى الآن، وهو أحد المدربين الذين يتلقون راتبًا مرتفعًا يصل إلى مليون جنيه شهريًا.

منذ توليه، لعب المنتخب تحت قيادته 12 مباراة، حقق فيها 8 انتصارات و3 تعادلات وهزيمة واحدة، تأهل الفراعنة إلى نهائيات كأس الأمم الإفريقية 2025، وبات حلم الوصول لكأس العالم مرة أخرى قريبًا، حيث يتصدر مجموعته في التصفيات بفارق مريح عن أقرب المنافسين.

حسام حسن

مقارنة الرواتب بالإنجازات

في مقارنة بين الرواتب التي تقاضاها المدربون والإنجازات التي حققوها، يتضح أن حسن شحاتة، الذي تقاضى راتبًا معتدلًا مقارنة ببقية المدربين، كان الأكثر نجاحًا، حيث قاد الفريق إلى 3 بطولات كأس أمم إفريقيا. بينما كان المدربون مثل حسام حسن وروي فيتوريا الذين تقاضوا رواتب أعلى، أقل نجاحًا من حيث الإنجازات الكبرى، مما يطرح تساؤلًا حول علاقة الرواتب الكبيرة بالنجاح الفعلي.

من جهة أخرى، لم تنجح فترات تدريب بعض المدربين المصريين مثل شوقي غريب وإيهاب جلال، رغم تقاضيهم رواتب محترمة، في تحقيق أي نجاحات على مستوى البطولات، مما يثبت أن الأجر وحده ليس المعيار الوحيد لتحقيق النجاح مع المنتخب.

يظل حسن شحاتة أبرز مدربي منتخب مصر من حيث العلاقة بين الأجر والإنجازات، حيث حصل على راتب معقول مقارنة بالنجاحات التي حققها. بينما المدربون الذين تقاضوا رواتب أعلى مثل حسام حسن وفيرتوريا لا يزالون في مرحلة التقييم، حيث لم تتحقق إنجازات كبيرة حتى الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *